حين تتصادمُ الخيانةُ والعفو… من يملك قرار الهدم أو البناء…
حين تتصادمُ الخيانةُ والعفو… من يملك قرار الهدم أو البناء… رسالة للأزواج اللذين وقعوا في الخيانة…… ما من شكٍ أن الله سبحانه وتعالى حينما وضع الموازين القسط, وأرسى العدل في شرائعه جمعاء, قصد من خلالها كأحدِ موجهات أهدافها إلى صلاح البشرية واعمار الأرض، ولهذا فإن كافة الأحكام التي لا يأتيها الباطل من بين يديها هي أحكامٌ مفصليةٌ, لا يمكن أن نتعالى عليها, أو نتجاوزها, أو نتناقش فيها, بقصد الولوج في معيتها ليحصل التضارب والإحتلاف فيها, ومن جملة تلك القضايا مكنون الأسرةِ, واصلاح ذات البين, التي تُعد ذروةَ سنامِ الأحكامِ وفقه التعامل بين الأنام فالله عز وجل يقول (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )114(وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا(115). ومن أكثر الأمور تعقيداً قضابا الخيانة بمجمل أشكالها وتنوع فحواها, فما بين خيانة الأوطان والأبدان والأنفس والقلوب, وما بين خيانات الأفكار والمذاهب والعقائد . وما ندور في فلكه اليوم إنما هو الخيانات الزوجية التي كثرُ التعليق فيها والتنظير لها دونما فكرٍ بيّن أو علمٌ شرعيٌ مستساغ, متشبثين فيه بفقه الفروع في الأحكامِ, غافلين عن رحابة رحمة الباري في فقة الحدود والعقوبات. وفي هذا السياق أود أن أقول أحبتي في الله, لو علمتم صغر حجم وجودكم في دائرة الكون لإستصغرتم شأن أنفسكم وما نالكم الكبر والعجب وما تقاتلتم وتخاصمتم فكلكم مربوط برحمة الله. لا بصدق نواياكم وصحيح مجتباكم, نعم ان الخيانةَ مهما صغرت أو كبرت عظيمةٌ وكبيرةٌ من الكبائر وحد من الحدود يستوجب اقامة عدل الله في الأرض!! لكن من يحكم في التصنيف والتوصيف؟ من يحاكم من؟ ولأي أداة تحتكمون؟ ومن يقر ذاك العقاب عن تلك العقوبة؟ وما هو الهدف من الأحكام التي تفصلونها؟ وهل أنتم بحكمكم تبتغون الإصلاح واعمار الأرض أم تنتقون من الشرع ما يخدم توجهاتكم وقلوبكم!!؟؟ ورسالتي هذه لمن ينادي بأن حق السماح وصكوك الغفران قد وهبها الله للإنسان وتركها له بعموم الإختيار لا يخصوص الإنتقاء. أقول لهؤلاء الخيانةُ ليست ديانةٌ, والصفح ليس اختيار بل مقامٌ إلهي محمود في كل الشرائع, نعم أن الله عز وجل ترك قبول الصفح لصاحب الحق وربطه بتسامح صاحب الحق لكنه وان جعل الحق للبشر في الإحتيار قيد ذاك الحق بأن ما عند الله خير وأبقى فقال (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَ ّاللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) كما قال (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُواأَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). وان ما أوردناه واستدللنا عليه لهو فيضٌ من غيضٍ ولهو نقطة يسيرة في رحمة الله لإصلاح ذات البين. ورسائلي التي أريد أن أوجهها الأولى منها للنساء ممن تعرضن للخيانة من قبل أزواجهن أو النقيض, اعلموا أن الخيانةَ سلوكٌ مذموم في كل أوضاعه, فقد حدد الله حدوداً تبعدُ الزنا وتمنع الطرفين من الوقوع فيه, لذا أقول أن الزوجة ليست شريكاً في الخيانة لكنها شريكاً في الوقاية منها, ولها دور محوري في بناء البيت وتحصين العلاقة موازةً مع الرجل الذي له دور في الوفاء وتحمل المسؤولية. فالمرأة عليها دورٌ جلل في تحصين الرجل عن الوقوع في الخطئية, فان اهملت دورها ازداد أثر الفساد ، وأقصد بذلك المرأة الحنون العطوف سهلة المعشر فالرسول يقول“ألا أدلكم على من تحرم عليه النار كل لين هين سهل المعشر” واعلمي عزيزتي ان الخيانةَ ليست نهاية الكرامة, ولا مبرراً كافياً للهدم الكامل, لأنه حين تقع الخيانة الزوجية، تقف المرأة والرجل بين حدّين هما الغضب والغفران.وتتسائل هل يجوز العفو؟ والإجابة نعم. وهل يمكن للبيت أن ينهض بعد الزلزال؟أقولها لك باقتدار, الشريعة لم تغفل هذا الباب، بل وضعت له أحكامًا، وأعطت مساحة للعقل والقلب والرحمة.فالعفو ليس ضعفًا، والصفح لا يعني نسيان الجُرح… لكنه قد يكون بدايةً جديدة لبيتٍ أقوى، وأكثر إيمانًا فالإسلام أعطى لك الحق الكامل في قرار الإنفصال إستحالة العشرة بضوابطٍ لكنه في ذات الوقت دعا الى العفو والتغافل حين يكون ذاك اصلاحاً فالصفح قطعاً لم يكن يوماً مساوياً للضعف بل هو الرفعةُ ذاتها في عين الله “ ولا تنسوا الفضل بينكم” تذكري الكلمة الحلوة, والنظرة والإبتسامة فلا يوجد ارتباط بين الخيانة وانتقاص نفسك أو أن كرامتك واسم عائلتك لا يبيح للزوج خيانتك – وأنا لا أبرر الخيانة كفعل- فذاك ارتباط مسموم تعلمناه في المدارس كي يسعوا من خلاله لتدمير البيوت وفك سترها وتضييع مقوماتها, كرامتك وعلو شأنك تظهرفي اصلاح بيتك والنهوض به من عثرة مرت به, وذاك لا يتنافى مع قواعد العقاب أو بنود اتفاقات الصلح (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)… واعلمي عزيزتي الغالية أن الخطئية ذنب فاقبلي على الله واطلبي لزوجك المغفرة والسماح ولا تتركي فراش زوجك أبداً, وأقولها لك نصيحةً ما حق لك شرعاً ولا جاز لك تفقد موضع زلة زوجك, أو أن تربطي عفوك بضرورة معرفة كل تفصيلة من تفاصيل زلته, فمن أسماء الله الستير ومن ستره الله بالليل ما جاز لعبدٍ أن يفضحه لأنك بفعلتك تتحدي رحمة الله. ورحمة الله سبقت غضيه وفي فتح المعصية ومراجعتها مفسدة عظيمة فاغلقي باب الفتنة, ولا تبالغي في الحزن فقهر النفس أمرٌ منهي عنه فليس من المنطق أن تتباكي على حروف اللغه التي صاغ بها عبارة في زلته أو نظرة خرجت من عينه فأنتي بذلك تدمري مفهوم الرحمة والتسامح وتطلقي العنان لنار الشيطان لتأكل كل خير كان بينكما, فكل كلمة وكل لفظة وكل شعور عشتيه معه كان صادقاً ومن قلبه وليس من سلطة البشر ولا طبيعتهم الحساب على النوايا فذاك الأمر لله فقط فحتى القانون لا عقوبة فيه الا بنص… […]
حين تتصادمُ الخيانةُ والعفو… من يملك قرار الهدم أو البناء… Read More »