تقرير – محمد البسيونى
كشفت تقارير صحافية تركية على لسان مصادر تركية رفيعة المستوى أن أنقرة تسعى جديا للتخلي عن جماعة الإخوان المسلمين، قرباناً للتصالح مع مصر ودول الخليج، وهو الأمر الذي تسعى إليه تركيا بكل السبل خلال الفترة الحالية.
وذكرت التقارير الصحافية أنّ تنظيم الإخوان المسلمين، يعيش اليوم أسوأ أيامه، وفي مقدمته قياديو التنظيم الذين فرّوا من مصر عام 2013 ليستقبلهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أرجاء بلاده وبشكل خاص في إسطنبول، فيما موّلت قطر العشرات من القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام في تركيا وأتاحتها لهم ليُهاجموا من خلالها السياسة المصرية وبشكل خاص الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وبعد استغلالهم سياسيا ودينيا من قبل الرئيس التركي لغايات الزعامة وتعزيز النفوذ ووهم عودة الخلافة المزعوم، ذكرت التقارير الصحافية على لسان مصادرها أن الجماعة تواصل انهيارها وتفككها نحو الانقراض شبه التام، بعد تفاخر رموزها بأنّ تنظيمهم بقي لغاية اليوم على قيد الحياة.
وتربط المصادر ملف الإخوان بقضية الأيجور، التي استغلها أردوغان سياسيا، لكن بعد الاتفاق بين أنقرة وبكين على تبادل تسليم “المجرمين” وبعد دبلوماسية اللقاح التي تنتهجها الصين والاتفاقيات الاقتصادية التي تشمل استثمارات صينية سخية، تبدل الوضع من النقيض إلى النقيض.
وكشفت المصادر التركية لأحوال عن ارتباك في تعامل تركيا الحالي مع أعضاء وقيادات تنظيم الإخوان على أراضيها، حيث تمّ القبض على 23 منهم، بالتزامن مع رفض أنقرة منح الجنسية لنحو 50 من قيادات الجماعة من الصف الأول، لـِ”حماية الأمن القومي التركي”.
وكانت تقارير صحافية على لسان حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي وتنظيم الإخوان المسلمين قد رأت مؤخرا أنّ “الجماعة بصدد انتظار ما يرسله القدر”، مُعترفة بصعوبات بالغة ستواجه الجماعة وعناصرها في الفترة المقبلة، وبالتالي لا حلّ أمام الجماعة إلا “تغيير دراماتيكي” تشهده المنطقة، وهذا مستبعد.
وكشف تحليل أمريكي للعلاقات الخارجية التركية أن أنقرة أدركت أن عودة الإخوان إلى السلطة انتهت وأن الجماعة أصبحت من الماضي، وبالتالي حان الوقت للتخلص من إرث هذه الجماعة التي تحالفت معها منذ الربيع العربي لأهداف أيديولوجية وإعادة العلاقات بمصر.
وفي سياق متصل كشفت تقارير صحافية عن أن إشارات الود المتتابعة من تركيا تجاه مصر، كشفت أن ملف جماعة الإخوان لن يكون منغّصا لأنقرة الفترة المقبلة، وأن حرص أنقرة على الدخول في تفاهمات مع القاهرة حول الغاز والنفط في شرق البحر المتوسط أكبر من أن تعرقله حسابات الإخوان التي بدأت تستنزف أغراضها إقليميا.
ويشير مراقبون إلى أن الغاز والنفط لهما أولوية في تقديرات أنقرة، التي لم تجن من وراء دعم الإخوان والمتطرفين سوى توتير علاقاتها مع دول كثيرة، وربما تفتح الإدارة الأمريكية الجديدة بعضا من القضايا المتعلقة بهذا الدعم في وقت ما.
ويميل أردوغان إلى طيّ الصفحة مع مصر من الباب العالي في شرق المتوسط، وتغليب المصالح المشتركة على الموضوعات الخلافية، وعدم التشدق بمناصرة إخوان مصر، ما يتماشى مع طروحات متصاعدة في التعاون الإقليمي، فانحيازه السافر للجماعة مثّل عقبة أمام علاقاته مع مصر ودول كثيرة.
كما أن المتاجرة بالإخوان لم تعد رابحة لدى تركيا مع مصر أو غيرها، ومع زيادة الحذر الغربي في التعامل مع الجماعة ومسؤوليتها عن دعم تنظيمات متطرفة سوف يخفت صوتها سياسيا وإعلاميا اضطراريا.
وأكدت التقارير الصحافية أن تركيا تأكدت أن منتدى غاز شرق المتوسط ينمو ويجذب انتباه قوى إقليمية ودولية إليه، وسوف يتحول إلى محطة رئيسية في العالم، فوجدت من مصلحتها التقرب من الدولة المفتاح فيه (مصر)، وهو ما أدركته القاهرة مبكرا.
جدير بالذكر أن القاهرة قابلت الرسائل المتسارعة بصمت حتى الآن، ولم تبدِ رد فعل مع النغمة الإيجابية التي تعزف عليها تركيا إعلاميا.